رسائل الغضب

اكتب على ظهر الجبال رسائلي *** و املأ دواتك من غدير سائل
و اغرف من النيل القديم من الفرات *** و امزُج خليجا بالمحيط لسائل
عن قصة ترويها دوما جدتي *** لنراها حُلما في الظلام السَّادِل
هي قد رَوَتـْها لنا بـِليلٍ خِلسة ً *** لننام في عزم لِصُبح آجـِل
و أنا سأعلنها على رأس الشهود *** صُبحا تراها العين دونما حائل
سأقص عن أمس بلا قيد فلي *** غضب يمزق في الخطوب سلاسلي
سأقص عن ماض تـَبَدَّدَ بَينا *** فملأنا حاضرنا رثاء بوَاسِل
أحكي من المفعول في سِفـْر الجدود *** لتقوم للمفعول همة فاعل
سأقص عن مجد تمزق بيننا *** لترى الفخامة و الجلال لِسافِل
و ترى السجود كذا المناسك و الحجيج *** من كل فج تنحني للعاهل
و طواف بيت في العواصم قربة *** و الرجم وعدك إن رأوك تماطل
و ترى الفضيلة فوق عمدان الصليب *** و الله يرفعها ليوم قابل
و الفضل في الميزان طاش لبابه *** و السيف لا القرآن افصل فاصل
و الناس في سوق النـِّخاسة تهتف *** نِعم الحياة و عاش سيف القاتل
و الذئب راع للقطيع فهل غفت *** عين الرعاة و لا رعاة لغافل
من أي أمس يا بني سأبدأ *** و صباحنا عن كل أمس مائل
و صفاتنا في الوحي غير صفاتنا *** و شمائل العدنان غير شمائلي
يا أمة الوسط اختفى صوت اليمين *** و خلطنا أيمانا بـِفـَرْطِ شمائل
بأبي صدقت رسول حق إننا *** نَلِج الجحور تأسيا بالداخل
نلج الجحور فلا سبيل و إننا *** تيه و بين القوم دون رواحل
الناس في مائة تقول و إننا *** مثل الرمال على رصيف سواحل
لا الموج أيقضنا و لا اقتلعت ريا *** ح البحر غير خطى مضت لقوافل
غير الكرامة و يحني ماذا أقول *** إني أحدثكم حديث العاقل
إنـِّي أحدثكم بالفصيح و عندنا *** أن الفصاحة من بيان الجاهل
أن الحضارة من وراء حدودنا *** تُشرى إذا بـِعنا الخلود بزائل
و الحق في دار المزاد و ما لنا *** غير الجـِوار لِجَوْر أنصف باطل
و الفرض ما فرضوا بمجلس أمنهم *** و الأمن في طوع و طول نوافل
أن الشجاعة و البطولة بيننا *** و لِغيرنا كالميْت في يد غاسل
أن الشهامة في المتاحف سُيِّجت *** و على شريط جاء قول القائل
هذي الفقيدة من قديم حُنـِّطت *** و الدهر حطـَّمها بدون معاول
لو أنها نطقت و صاح بيانها *** لبكت لمعتصم بدمع وابل
و لوَ أنـَّها نشرت بيانها لا الشريط *** لرمت عواصمنا بشر قنابل
لتعود ترسم في الشريط بشارة *** و تزفه خبرا لنصر ٍعاجل